هذا ما كنت أخشاه

"المعلمون" قنبلة موقوته على وشك الانفجار. أعتقد أن فتيل تلك القنبلة قد نزع تماما وباتت المسألة مسألة وقت ويحدث الانفجار الاعظم. قرار حكيم اتخذه رئيس الحكومة بعودة أحمد جمال الدين موسى وزيرا للتعليم. فالرجل والحق يقال مشهود له بالكفاءة والانحياز للمعلم,

ولكن هل هذا يكفى؟ هل أن نلقى بالرجل فى مواجهة فيضان من الغضب يجتاح الصدور هو الحل لمشاكل التعليم فى مصر؟ دعونا نتسائل عدة اسئلة:
لماذا تزيد نسبة الدروس الخصوصية فى مصر عن باقى الدول العربية بينما تكاد تختفى تماما هذه الظاهرة فى الدول المتقدمة؟
لماذا تصاعد العنف بين الطلاب والمعلمين فى مصر بنسبة تفوق مئات المرات كل دول العالم؟
لماذا تحول التعليم فى مصر الى "سبوبة"؟
لماذا تعرض دول الخليج رواتب تقل عشرات المرات للمعلم المصرى (وهو أكثر كفاءة) مما تعرضه على المعلمين من دول أخرى كسوريا ولبنان بل وفلسطين ايضا ناهيك عن دول اجنبية عديدة؟

الاجابة تعرفونها عندما تتوجهون لمكاتب السفريات ومقار السفارات فى شهور يونيو ويوليو وأغسطس وترون مئات الالاف من المعلمين المحترمين يفترشون الارض كالمتسولين فى انتظار أن يعطف عليهم المسؤلين بالسفارات ويأخذون اوراقهم.
معادلة قاتلة, كيف نطلب من المعلم أن يكون مسؤلا عن تعليم ابناء مصر وهو يبحث عن فرصة للخلاص من مصر؟ كيف يقوم المعلم بالتدريس والتحضير والتصحيح وفصول التقوية وتنظيف الفصول بل وكان فى عهد أحد الوزراء السابقين يتسلم "المقشة والمساحة" لتنظيف الفصل وكذلك حضور الاجتماعات ومجلس الاباء وعشرات المهام يوميا وهو بعد الكادر لا يتحصل على ألف جنيه شهريا فى زمن وصل فيه فيه سعر كيلو اللحم لسبعين جنيه واللبن لخمسة جنيه؟

كيف نقول للمعلم أخلص وهو يريد الخلاص؟ كيف نقول لا تعطى درسا خصوصيا ونجرم الدرس الخصوصى والمدرس واولاده جوعى؟
أن اصلاح التعليم الذى هو ركيزة بناء أى دولة متقدمة والامثلة لا تقبل التشكيك فانظروا لكل دول اوروبا واوضاع التعليم فيها, ينبغى أن يبدأ بالمعلم لأن المثلث معروف (المعلم – المحتوى- الطالب).

لقد قامت الدولة فيما مضى بتطوير المحتويات الدراسية وتطوير حقوق الطلاب وأصبح للطلاب الافضلية عن المعلم وجميعا نعلم هذا ثم قامت بتطوير المعلم بمنحه تدريبات وهمية ماهى الا "سبوبة وأكل عيش" للمدربين الذين يجلسون فى القاعات المكيفة ويقولون كلاما لا علاقة له بواقع التعليم فى مصر كما تفضلت الحكومات السابقة بمنح المعلم خدعة كبرى اسمها كادر المعلمين. لقد طورت الدولة ضلعين من اضلاع مثلث العملية التعليمية وتركت الضلع الاهم وهو المعلم.

ضعوا المعلم فى مكانه الطبيعى وامنحوه قدسيته ووسائله وارتقوا به ماديا فمصر لن تقوم لها قائمه علميا وفكريا وتكنولوجيا الا بالارتقاء بالمعلم الذى هو ركيزة الحياة فى اى مجتمع والمثال على ذلك كل الانبياء والرسل كانوا معلمين.
أجعلوا معلمين مصر لا يفكرون فى السفر لدول الخليج لتأمين مستقبلهم فهذا يعنى انهم لا يشعرون بالامان لمستقبلهم فى مصر ولا داعى لان اؤكد ان من لا يشعر بالامان فى مكان لن يعطيه جهده الحقيقى ولا عطاؤه الكامل فالتدريس ليس مهنه وانما هو ملكة وهبة وابتكار وابداع وهذا لا يتحقق فى ظل عقل لا ينام من التفكير فى "بكره وازاى هاكمل الشهر وازاى البنات هايتجوزوا وازاى وازاى...." – وللحديث بقية...

للحق

الموضوع منقول عن بوابة الأهــرام